ان اسوأ ما ورثناه من ماضينا المتخلف، هو ثقافة
(اللامسؤولية) بمعنى عدم استعدادنا لتحمل مسؤولية اي شئ في هذه الحياة، حتى ما نقوله ونفعله، غير مستعدين لتحمل مسؤوليته عند الحساب، فترانا مستعدين لتحميل الكل مسؤولية ما يحدث
هنا او هناك، الا انفسنا، فالماء مسؤول والكهرباء مسؤول، والارض والسماء مسؤولتان، والشجر والاغصان والتربة والحيوانات، مسؤولون، والجيران والاصدقاء والاقرباء والاخوان والوالدين
والحكومة والوزير والرئيس، كلهم كلهم مسؤولون، الا انا فلست مسؤولا عن شئ.
فالتهرب من المسؤولية ديدننا، والبحث في الحجج والاعذار شيمتنا، وسرد الاعذار والتبريرات
فننا ــ بتشديد النون الاولى ــ الذي لا يشق لنا فيه غبار، لذلك فان من اكثر ما يرد على لساننا عندما نتحدث عن شئ ما، عبارة (آن شعلية) و (آن معلية) وهما تعنيان، بالعراقية
الدارجة، الهروب من المسؤولية.
اما قولنا، اذا سئلنا عن فشل او خطا او حتى
جريمة ارتكبناها (لم اكن اعرف، هكذا قيل لي، انها الاوامر من اعلى او من فوق) فهي الاشعار التي نتغنى بها للتهرب من المسؤولية.
اتذكر عندما كنا اطفالا في المدرسة، كنا نحمل
المعلم مسؤولية رسوبنا في مادة ما او ضعف درجاتنا في احد الامتحانات، فكنا نجيب عندما يسالنا الاب او الام عن سبب الرسوب او ضعف درجة الامتحان، بالقول (ان معلم المادة عداوة معي)
او (انه غيور لا يحب ان يراني متفوقا) ولا اذكر يوما اننا تحججنا بالتكاسل او عدم اداء الواجبات البيتية او عدم فهمنا للسؤال عند الامتحان، كاسباب محتملة للرسوب او لضعف الدرجة
الامتحانية.
وللاسف الشديد فلقد كبرنا ونحن نحمل هذه
الثقافة، ثقافة رمي المسؤولية على كاهل الاخرين، لماذا؟.
قبل ان اجيب على السؤال، اود ان اثبت الحقائق
التالية:
اولا؛ ان من علامات الشعوب المتقدمة هي انها تتحمل مسؤولية ما تقول وما تريد وما
تختار، والعكس هو الصحيح، فان من علامات الشعوب المتخلفة قولها (ضعها براس العالم، واخرج منها سالما) والعالم هنا ليس بمعنى (الفقيه) فحسب، وانما كل عالم بالقضية مورد الابتلاء،
فاذا كانت فقهية علقها المرء برقبة الفقيه واذا كانت سياسية علقها برقبة الحكومة او الحزب الحاكم، واذا كانت اجتماعية علقها برقبة شيخ العشيرة او المختار، واذا كانت علمية بحثية في
الجامعة او المعهد علقها برقبة الاستاذ او مدرس المادة، وهكذا، المهم انه يبحث عن (شماعة) يعلق عليها تقصيرة ليهرب من المسؤولية.
ثانيا؛ ان كل شعب يريد ان يتقدم وينهض ويتطور، عليه اولا ان يتعلم كيف يتحمل
المسؤولية، اذ يجب ان يتعلم فيه الانسان ــ الفرد والانسان ــ المجتمع معنى ان يتحمل المسؤولية، وكيف ولماذا وبماذا؟.
ولذلك، عندما بعث الله تعالى رسوله الكريم (ص)
للناس كافة برسالته السماوية الخاتمة (الاسلام) علمهم اولا معنى المسؤولية، ليستعد كل انسان لتحملها، طبعا كل ودوره وموقعه وتاثيره، حتى لا يبقى انسان بلا مسؤولية، او لا يشعر بها.
يقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم عن
المسؤولية:
بمثابة المطرقة على رؤوس الناس، تنبههم ليل نهار
عن كل شئ، فهم مسؤولون عنه في الدنيا قبل الاخرة.
هذا بالنسبة الى القران الكريم، اما بالنسبة الى
النصوص الواردة عن رسول الله (ص) واهل بيت النبوة والرسالة ففيها، كذلك، الكثير من هذا المعنى الذي يحث على تحمل المسؤولية.
نعود الان للجواب على السؤال الذي صدرنا به
المقالة، واقول:
اولا؛ ان مبدا تحمل المسؤولية تعود ــ بتشديد
الواو ــ يتعلمه الانسان منذ صغره، ولذلك فان على الابوين ان يهتموا بتنمية هذه الملكة عند الطفل ليشب عليها، وهو يعرف ماذا يعني انه مسؤول وكيف ولماذا؟.
ان على الابوين ان يعلما الابن او البنت كيف يتخذ القرار ليتحمل مسؤوليته، وذلك من
خلال مساعدته على التعبير عن نفسه، حتى في الاشياء الصغيرة والتافهة.
فمثلا، اذا اراد الطفل ان يشتري لعبة فعلى
الابوين ان يتركانه يختارها لنفسه بنفسه، فلا يجبرانه على لعبة او يغصبانه على اقتناء واحدة لا يهواها قلبه، فاذا اختار الطفل لعبته بملء ارادته فانه سيتحمل مسؤولية الحفاظ عليها،
وعندها فان من حق الابوين ان يحملانه المسؤولية اذا ما اتلفت او انكسرت، اما اذا كانا قد اجبرانه على اختيار ما لا يهوى، فان الجواب الحاضر على لسان الطفل اذا ما كسرت او اتلفت،
قوله، الم اقل لكما انها غير جيدة؟ لماذا لم تدعاني اشترى تلك الاخرى التي اخترتها بنفسي؟ وعندها سيسقط في يدي الوالدين، على قاعدة (ذنبهما على جنبهما).
وهكذا في بقية حياة الاولاد، اذ ان على الوالدين
ان لا يغصبوهم على شئ عند الاختيار، اذ كلما مارس الانسان حقه في الاختيار، كلما كان اقرب الى تحمل المسؤولية ازاء قراره، والعكس هو الصحيح، فكلما غصب المرء على شئ او اجبر على
خيار كلما بعدت الشقة بينه وبين تحمله للمسؤولية.
ان على الوالدين ان يكونا كالمستشار في العائلة،
وليس كالديكتاتور بعصاه الغليضة، يشيرون على اولادهم الخيارات الحسنة، ولا يجبرونهم عليها، الا في الحالات الضرورية والقصوى، فمثلا، عليهما ان يشيروا على الاولاد بخيارات الدراسة
وافضلية الاختصاصات، ثم يتركونهم يختاروا ما يحبون، هذا في مجال الدراسة، وكذا الحال في مجال العمل والزواج والسكن والعلاقات العامة، وفي كل شئ.
اما في مجال السياسة، فان الشعب الذي يقبض على خياراته السياسية عند صندوق
الاقتراع، فانه يكون اقرب الى تحمل مسؤولية خياراته، على العكس من الشعب الذي تفرض عليه الخيارات السياسية، اذ تراه لا اباليا ازاء الاحداث والتطورات السياسية، لانه لا يشعر بكونه
احد اسباب ما يجري، فهو بالتالي غير مسؤول لا من قريب ولا من بعيد.
ولتوضيح الفكرة اسوق مثلا على لعبة السرقات
المسلحة، الانقلابات العسكرية، في بلداننا، ففي كل مرة يسقط فيها زعيم ويعتلي السلطة آخر، لم نر اي رد فعل من الجماهير، فلا هي تحزن على الذي سقط او سحل بالشوارع او تبكي عليه،
ولا هي تفرح بالقادم، لانها لم تمارس حقها في اختيار القديم ولا في اختيار الجديد، فلماذا تحشر نفسها في امر لا يستفيد منه الا (الكبار).
على العكس من هذه الحالة في المجتمعات المتحضرة
(الغربية مثلا) فاننا لا نجد ذكرا لشئ اسمه (الانقلاب العسكري) واذا ما وقع عن طريق الخطا، فان الناس يعتبرونه تعدي على خيارهم، الذي شخصوه بملء ارادتهم الوطنية، فيعمدون الى
مقاطعة (الانقلابيين) ليجبرونهم على العودة الى ثكناتهم، واعادة السلطة الى من اختاره الشعب، كما حصل ذلك في بريطانيا ذات مرة، اذ اضرب الشعب الانجليزي عن بكرة ابيه ولم يذهب احد
منهم الى عمله، مطالبين الانقلابيين بترك السلطة والعودة الى ثكناتهم العسكرية، وهذا ما حصل بالفعل، من دون اراقة قطرة دم واحدة، لان كل فرد في المجتمع تحمل مسؤوليته ازاء خياره
الذي لم يجبر او يغصب عليه، ولذلك لم يفرط به او يتنازل عنه بسهولة.
وبمناسبة الحديث في هذا الموضوع، اعتقد ان من
المهم ان يمارس العراقيون كامل حريتهم وارادتهم في عملية الاختيار في اية انتخابات قادمة في العراق الجديد، ليتحملوا المسؤولية ازاء هذه الخيارات، فيقاتلوا من اجل صيانتها باسنانهم
كما يقول المثل، فلا يفرطوا بها، او يتنازلوا عنها، او يتفرجوا عليها اذا ما سولت لاحد من اللصوص نفسه لسرقتها والاعتداء عليها.
ان على العراقيين ان يمارسوا حقوقهم الوطنية في الاختيار بملء ارادتهم، فلا
يجبروا ــ بضم الياء ــ على خيار ولا يهددوا لصالح او ضد خيار، كما ان عليهم ان لا يدعوا احدا يجبرهم على خيار او يكرههم على آخر او ضد آخر.
ثانيا؛ هناك علاقة طردية وطيدة بين الحقوق
وتنمية روح المسؤولية، فكلما تمتع الانسان بحقوقه، كالحرية وعلى راسها حرية التعبير والمساواة وعلى راسها تكافؤ الفرص، والمشاركة الحقيقية في الشان العام، كلما نمت عنده روح
المسؤولية، لان الانسان، اي انسان، بحقوقه يشعر بمسؤوليته، وهذا امر انساني طبيعي، اما اذا لم يتمتع الانسان بحقوقه، وهو بذلك يفقد آدميته وانسانيته، فكيف تريده ان يتحسس
بالمسؤولية، وهو العبد الذليل المميز عن بيقة المواطنين اما على اساس دينه او قوميته او انتماءه الفكري والثقافي او السياسي؟.
لذلك، يجب ان يتمتع المواطن في العراق الجديد
بكامل حقوقه اولا وقبل كل شئ، لنحمله المسؤولية بعد ذلك، وان من الخطا ان نتصور العكس ابدا، لان مواطنا بلا حقوق لا يمكن ان نحمله المسؤولية، او ان يشعر هو من تلقاء نفسه
بالمسؤولية، ولذلك فقد منح الله تعالى حقوق الانسان لحظة ولادته، وهي تنمو وتكبر معه، ثم حمله المسؤولية، فقبل بها هذا الانسان، بغض النظر عن جديته في تحمل المسؤولية ام لا، المهم
ان الله تعالى القى عليه الحجة فمنحه الحقوق اولا ثم طالبه بتحمل المسؤولية، والتي تكبر وتتسع كلما كبرت وتوسعت حقوقه، وهذا ما يجب ان تفعله الدولة العراقية الجديدة، فلا تفعل كما
كان يفعل الطاغية الذليل صدام حسين، الذي صادر كل حقوق المواطنين، وفي نفس الوقت كان يحملهم كامل المسؤولية، على ماذا؟ على شئ لم يختاروه او يفعلوه، ولذلك لم يدافع عنه وعن نظامه
حتى اقرب المقربين اليه عندما تعرض للغزو في العام 2003.
ثالثا؛ كذلك، فان هناك تناسب طردي وطيد بين روح
المسؤولية، ومبدا الرقابة والمحاسبة، اذ كلما شاع الاخير في المجتمع، كلما نمت روح المسؤولية عند المتصدي للشان العام، والعكس هو الصحيح، فعندما لا يشعر المسؤول ان فوق راسه من
يحاسبه، او ان من صوت لصالحه في الانتخابات ليصل الى سدة المسؤولية، عاد الى بيته ليغط في نوم عميق، من دون ان يعرف ماذا يفعل المرشح الذي فاز بصوته، وماذا انجز وكيف؟ فان روح
المسؤولية سوف تموت عند هذا المسؤول.
قد يقول قائل، بان روح المسؤولية يجب ان تنمو
ذاتيا عند الانسان الذي يتصدى للشان العام، هذا اذا كان مسؤولا صالحا يتحسس آلام وحاجات وتطلعات الناخبين، اذ عليه ان يضع الله تعالى والمصلحة العامة بين عينيه، ليتحمل المسؤولية
بشكل صحيح.
واقول بصراحة، فان مثل هذا الكلام تنظير لا طائل
من ورائه ومثالية مفرطة، فلقد اثبتت التجارب بان الانسان، اي انسان، لا يخاف الله اذا لم يسلط الناخب فوق راسه سيف الرقابة والمحاسبة، لاننا لم نعد نملك الامام علي بن ابي طالب
عليه السلام بين ظهرانينا، الا من خرج بدليل، علي الذي سأل، اولا، طلحة والزبير عندما جاءاه ليلا في قضية ما، اهي عامة ام خاصة؟ فاجاباه، بل خاصة، فعمد اولا الى اطفاء نور السراج
الذي كان يهتدي به لانجاز المهمة، ولما سالاه عن السبب، قال لان زيته من بيت مال المسلمين، وان القضية التي جئتماني من اجلها هي قضية خاصة، ولذلك لا يحق لي ان استفيد من مال العامة
لشان خاص.
تعالوا نكون واقعيين، فلا نحسن الظن كثيرا
بالمسؤولين، بل علينا ان نفعل ــ بتشديد العين ــ مبدا المحاسبة والمساءلة والرقابة ليتحسس المسؤول مسؤوليته على اكمل وجه.
واقول، وبقلب يعتصر الما، فاننا العراقيين لم
نتعود على مبدا الرقابة الذاتية، كما ان الوازع الديني والوطني عندنا ضعيف جدا، ولذلك يجب ان نعوض كل ذلك بالرقابة الفعلية والقانونية، من اجل ان نضمن سلامة المسيرة.
لقد شاهدنا كلنا، ولا نزال نشاهد يوميا، كيف ان عامل البناء، مثلا، يتهرب من
المسؤولية لحظة غياب عين المسؤول عنه، فهو يعمل كعقارب الساعة بشكل جيد وصحيح لا زال صاحب الدار، يراقبه ويقف على راسه، كالشمر على حد قول العراقيين، اما اذا غابت عنه عين الرقيب
لحظة، فترى احد العمال قد حمل الابريق واختلا خلف المبنى ليقضي حاجته، ولم يعد الى عمله الا بعد مرور نصف ساعة، ان كان حريصا على عمله، والا فليس اقل من ساعة، والثاني يجلس تحت
اشعة الشمس ليدخن سيجارته، وهو بالطلع لا يكتفي بالسيجارة المصنعة والمعدة للتدخين، وانما يعمد الى (اللف) التي تاخذ من وقته ما لا يقل عن نصف ساعة ان كان حريصا على انجاز العمل،
وهكذا الثالث والرابع، لماذا؟ لماذا يجب ان يبقى صاحب الشان مراقبا فوق رؤوس العمال ليضمن انجاز المهمة؟ لماذا لا يحرص العامل على عمله بارادته وبضميره وبرقيبه الذاتي؟.
هذا بالنسبة الى العامل، اما الموظفين والمعلمين
والاساتذة والمهندسين والمدراء العامين ووكلاء الوزراء والوزارء فصاعدا، فانهم كذلك لا يحرصون على انجاز عملهم الا بالرقيب المادي.
جرب، مرة، ان تحضر عند جهاز تسجيل حضور الدوام
في دائرة من الدوائر او في وزارة من الوزارات، هذا طبعا اذا كان مثل هذا الجهاز منصوبا في الدوائر، لتراقب الموظفين عند ساعة انتهاء الدوام، فماذا سترى؟ بالتاكيد فانك سترى عجبا،
سترى بان الموظفين قد اصطفوا في طابور طويل امام جهاز التسجيل، ما لا يقل عن ربع ساعة قبل انتهاء الدوام، بانتظار اللحظة الموعودة، ليتركوا الدائرة الى منازلهم، وكانهم يعملون
بالسخرة.
فاذا كان عدد الموظفين في الدائرة (100) موظف
مثلا، هذا يعني انهم سرقوا من الزمن العام العائد للدولة وللمواطنين قرابة يوم كامل.
ناهيك عن البطالة المقنعة التي تلف اليوم مختلف
دوائر الدولة، وكل هذا الفساد الاداري، والذي سببه بالدرجة الاولى ضعف الاحساس بالمسؤولية، فلو كان المواطن يتحسس بالمسؤولية بدرجة عالية لما قبل لنفسه ان يسرق من الوقت العام او
مكان غيره ابدا.
لكل ذلك، يجب ان نفعل الرقابة ونشددها، وفي نفس
الوقت نثير في نفوسنا جميعا روح الاحساس بالمسؤولية، تارة بالوازع الديني، وكلنا يحفظ قول رسول الله (ص) {ملعون ملعون من ضيع من يعول} وقول امير المؤمنين عليه السلام {ان تضييع
المرء ما ولي، وتكلفه ما كفي، لعجز حاضر، وراي متبر} واخرى بالوازع الوطني وثالثة بوازع الضمير وحب العمل، او باي احساس ذاتي آخر، لنحول العراق الى ورشة عمل كبيرة، حقيقية وواقعية
لا يقف عندها بندول الساعة لحظة واحدة، علنا نلحق بالعالم المتحضر بعد قرن او اقل من ذلك بقليل.
وان من ابرز مصاديق التحلي بروح المسؤولية، هو ان لا يتنافس المرء على موقع
يعرف انه لا يقدر على اعطائه حقه، ولا يزاحم الاخرين على مكان يعلم علم اليقين، هو ليس له، على قاعدة (الرجل المناسب في المكان المناسب) ليتسنم كل ذي قدرة مكانه على اساسها، و {رحم
الله امرءا عرف قدر نفسه} كما يقول رسول الله (ص) فـ {قيمة المرء ما يحسنه) على حد قوله (ص) وليس بالموقع او المكان، ابدا، ولذلك فان الذي يتحلى بروح المسؤولية، لا يتنافس على
موقع، ليشغله فحسب، وانما يتنافس عليه لكفاءته وقدرته على اداء مهامه، وان مثل هذا التنافس هو المحمود والشريف والشرعي، وهو ما يطلق عليه بالطموح المشروع، واليه اشارت الاية
الكريمة {وفي ذلك فلتنافس المتنافسون}.
رابعا: ان مبدا العقوبة والمكافاة، هو الاخر،
يتناسب تناسبا طرديا مع نمو روح المسؤولية عن الانسان، ولذلك يجب تفعيل هذا المبدا والقانون في كل مفاصل الدولة العراقية الحديثة، ليشعر المواطن بان لانجازه ونجاحه مكافاة، كما ان
لاخفاقه وفشله وعدم نجاحه في انجاز مهمته عقوبة ينالها.
ان من الخطا الكبير، بل من الجريمة بمكان، ان
يتساوى الناجح والفاشل في الموقع الواحد، فلقد نهى امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام عن ذلك بقوله الى مالك الاشتر لما ولاه مصر، بقوله: